قصة الضحية الرابعة الجزء الرابع للكاتبة مها سيد عبد الرحمن وصل فارس و بصحبته شريف إلى عنوان المنطقه التي أُرسلت منها الرساله، لم يكن با...
قصة الضحية الرابعة الجزء الرابع
للكاتبة مها سيد عبد الرحمن
وصل فارس و بصحبته شريف إلى عنوان المنطقه التي أُرسلت منها الرساله، لم يكن بالمنطقه العديد من المنازل فهي منطقه نائيه،تبعد عن الشارع الرئيسي بمسافه ليست بالقصيره، يتوسط الشارع بنايه قديمه للغايه مكونه من طابقين، خلفها أرض خاليه ممتده، تبدو كمقلب للقمامه، تتصاعد منها أدخنة حرق القمامه لتعبئ الجو برائحه تبعث على الغثيان، وعلى حدود أطرافها الجنوبيه يوجد ترعه، لم يصادفا في طريقهما سوى رجل في أوائل الستينات من العمر، رمقهما بنظرةٍ ثاقبه فسارع المقدم فارس بقوله:
- "سلام عليكم يا حج، تعرف حد كان ساكن في المنطقه هنا اسمه نادر سراج الدين؟؟!!!!".
اتسعت عينا الرجل في فزع وأشار بيده نحو المبنى الذي خلفهما، قال فارس:
_ "طب هو..."
لكنه لم يعطه الفرصه لاستكمال حديثه وتركهما وانصرف دون أن ينطق بحرفٍ واحد، تبادل فارس وشريف نظرات تحمل الكثير من القلق، ثم استدارا نحو المبنى، تقدم فارس نحو باب البنايه وطرق بقوه، ذُهل عندما وجد الباب يفتح من أثر طرقته، فتحه بيده ودخل بخطواتٍ بطيئه يتبعه شريف وقد تزايدت ضربات قلبه من فرط التوتر، كان الظلام يعم المكان رغم أن النهار لم ينتصف بعد، قال فارس بصوتٍ عال:
- " سلام عليكم!!!!"
لم يأتيه رد ، فتابع الدخول وأضاء كشاف موبايله بحثاً عن زر الإضاءه فوجده وضغط عليه لكن بلا جدوى فقد لاحظ أن مكان اللمبه فارغ بالأساس، ارتعدت أوصاله عندما سمع صوت صراخ شريف وهو يقول مرتجفاً:
- "في حاجه اتحركت جوا في الأوضه اللي قصادي دي"
حاول فارس تمالك أعصابه وتوجه في حذر نحو الغرفه وهو يدير كشافه في كل أرجائها، لم يرى شيئاً يثير الانتباه وسط الأغراض القديمه التي يكسوها طبقات من الأتربه سوى وجود مرآةٍ كبيره معلقه على أحد جدران الغرفه تبدو في حاله جيده للغايه حتى انها لمعت بشده عندما سلط عليها ضوء الكشاف، لكن مكانها غير مبرر على الإطلاق، خرج من الغرفه وقرر الصعود إلى الطابق العلوي المكون من غرفتين إحداهما كانت مغلقه، وتبعه شريف الذي خشي البقاء بمفرده في الطابق السفلي، دخل الغرفة الأولى فلم يجد سوى سرير مغطى بالأتربه وبجواره كرسيان خشبيان لا تختلف حالتهما عنه كثيراً، ثم توجه نحو الغرفة المغلقه، والتي ما أن أدار مقبضها وفتح بابها حتى صرخ في فزع، فأمام عينيه مباشرةً كان يقف ذلك الطيف الأخضر ويحدق فيه على نفس الهيئة التي رآها ذلك اليوم تماماً في منزل المرحوم إبراهيم والتي بات يعرفه تماماً هذه المره إنه نادر!!!!،
لم يدم الأمر لأكثر من ثواني قبل أن يختفي تماماً، تمالك فارس نفسه بصعوبه وهو يحاول جاهداً السيطرة على أنفاسه المتلاحقه، ثم أدار كشاف هاتفه المحمول ليتعجب من تلك المرآة المثبتة على أحد الجدران بوضعٍ مماثل تماماً للغرفة في الطابق السفلي، ثم لفتت نظره تلك الورقه القديمه الملقاة على الأرض، فتحها وسلط الضوء عليها فوجد مكتوبا فيها بخط عجيب وبلونٍ أحمر قاني يشبه الدماء، قرأها بصعوبه:
- " وقت الحساب جه ومحدش هيقدر يوقفه".
وضعها في جيبه ثم غادر المنزل راكضاً يسبقه شريف الذي كان نادماً للغايه على تلك اللحظة التي أصر فيها على مرافقته إلى هنا.
************************************
جلسا في مكتب المقدم فارس، يلتقطان أنفاسهما بعد كل ما حدث، أخرج فارس الورقه من جيبه و أخذ يقرأها بصوت مرتفع، قال شريف في ارتباك:
- " واضح كده إن طارق و أيمن و إبراهيم كان ليهم يد في اللي حصل لنادر وعفريته راجع ينتقم!"
نظر إليه فارس وقد آثر عدم الإفصاح عما يدور بباله في تلك اللحظه، ومشهد تلك المرآه التي كانت في الصاله في منزل إبراهيم ترتسم أمام عينيه، ثم قال في جديه:
- " عاوزك تاخد الورقه دي توديها المعمل، عاوز أعرف هي مكتوبه بإيه، و تعملي تحريات عن البيت اللي كنا فيه انهارده مين صاحبه وهو فين دلوقتي، وأما توصل لعنوان علي تبعتهولي فوراً، أنا دلوقتي رايح مشوار مهم و مش راجع على هنا تاني انهارده"
- " على فين يا فندم؟"
- "هقولك بعدين يا شريف اعمل اللي قولتلك عليه بسرعه وهستنى عنوان علي فأقرب وقت"
- "حاضر يا فندم!"
***********************************
اتجه فارس إلى منزل مدام إيمان زوجة المرحوم إبراهيم بعد أن اتصل بها وطلب لقاءها على وجه السرعه، فتحت له وعلامات التوتر تكسو وجهها، فحاول تهدأتها قائلاً:
- "متقلقيش يا مدام إيمان مفيش جديد لحد دلوقتي، أنا بس عاوز أسألك على حاجه مهمه"
- " اتفضل"
- " في حد دخل البيت عندكم قبل الحادثه بوقت قريب؟ نجار مثلاً أوسباك أو أي حد اشتغل أي حاجه في الشقه؟؟"
فكرت قليلاً ثم أجابت:
- " لأ مفيش حد، أنا نادر جداً أما بدخل عمال بيتي لأي سبب، حضرتك بتسأل ليه؟؟"
- " شاكك فحاجه لسه مش قادر أتأكد منها لحد دلوقتي "
- " أنا افتكرت حاجه دلوقتي قبل الحادثه بييجي اسبوعين جالي موظف من الحي بيقول إنه تبع لجنه للكشف عن العقارات الآيله للسقوط ، وإنه جي يكشف على العقار بتاعنا بسبب بلاغ جالهم أن عندنا مشكله، وطلب مني يكشف على حالة الحيطان، أنا استغربت في الأول و خصوصاً إن عمارتنا مش قديمه للدرجه، و أنا معرفش إذا كان الكشف ده بيكون عالعقار من بره ولا بيحتاج يدخل الشقق كمان، بس وافقت بعد ما وراني الكارنيه بتاعه"
اتسعت عينا المقدم فارس وقال مسرعاً:
- "وطبعاً إبراهيم ما كنش موجود"
- " أيوه كان في الشغل بس أنا مسيبتوش لوحده خالص، غير حوالي ربع ساعه كنت بعمل حاجه في المطبخ.
فاجأها بقوله :
- " هو العفريت ظهر في أي مكان تاني غير الصاله؟!"
- " مش عارفه بس أنا فاكره إن إبراهيم كان بيشوفه في الصاله مقاليش انه شافه فأي مكان تاني"
لمعت عيناه و ابتسم ابتسامه لم تفهمها، قاطعهما صوت هاتفه المحمول يرن، فردّ مسرعاً:
- "أيوه يا شريف تمام، ابعتهولي بالتفصيل في رساله"
ثم شكرها و غادر مسرعاً نحو منزل علي "الضحيه الرابعه" كما كان يسميه!!!!!!!!
يتبع..........
============
اقرأ أجزاء قصة الضحية الرابعة كاملة للكاتبة / مها سيد عبد الرحمن
ليست هناك تعليقات