قصة الضحية الرابعة الجزء الخامس والاخير للكاتبة مها سيد عبد الرحمن وصل المقدم فارس إلى منزل علي أيوب، فتحت الباب زوجته، لكنها ترددت قلي...
قصة الضحية الرابعة الجزء الخامس والاخير
للكاتبة مها سيد عبد الرحمن
وصل المقدم فارس إلى منزل علي أيوب، فتحت الباب زوجته، لكنها ترددت قليلا في السماح له بالدخول بعد أن أفصح عن هويته، لولا أن سمح لها علي بذلك بعد أن حدثته على الهاتف و أخبرها أنه في طريق العودة إلى المنزل، جلس المقدم فارس في انتظاره يشرب كوباً من العصير الذي قدمته له زوجة علي و بادر بسؤالها وهو يتفحص ردة فعلها على كلامه:
- "في أي موظف من مجلس الحي زاركم قريب تبع لجنه للكشف عن العقارات الآيله للسقوط؟"
اتسعت عيناها في ذهول و هي تجيبه:
- "عرفت ازاي؟ دا كان لسه هنا امبارح "
ابتسم ابتسامه لم تفهمها ثم تفحص المكان حوله فلاحظ وجود مرآه كبيره في غرفة الطعام ، فقال وهو يشير بيده إلى الغرفة:
- " دخل الاوضه دي؟"
- "أيوه قال انها عالشارع و محتاج يعاين حالة الحيطان اللي فيها"
- "تسمحيلي أدخلها؟"
ترددت قليلاً ثم أجابت بارتباك :
“أما علي يوصل ابقى أسأله"
لم تكد تتم عبارتها حتى فُتح باب الشقه و دخل منه علي و نظرات التوتر تقفز من عينيه، توجه مسرعاً نحو غرفة الضيوف و صافح المقدم فارس ثم قال بنبرةٍ يكسوها القلق:
- "خير يا فندم "
طلب منه فارس الحديث بمفردهما، فغادرت زوجته الغرفة في ضيق، قال فارس بنبرة جاده وهو يدقق في ملامح علي :
- " طبعاً عرفت اللي حصل لإبراهيم"
احمر وجهه من فرط التوتر و قال بصوت مرتفع و قد فشل تماماً في السيطرة على انفعاله:
- " إبراهيم مين؟ أنا معرفش حد بالاسم ده؟!"
- "علي اسمعني كويس إنت حياتك في خطر! لو ما كنتش تعرف فأحب أقولك إن إبراهيم و أيمن و طارق اتقتلوا الأسبوع اللي فات و اللي قتلهم هيقتلك وكان هنا في بيتك امبارح!!!!"
نزلت كلماته كالصاعقة على مسامع علي ، الذي أوشك على الانهيار لكن فارس تجاهل ردة فعله و أردف قائلاً :
- " لازم تساعدني عشان أقدر أحميك"
رد باستسلام:
- " تحت أمرك عاوزني أقولك إيه"
- "الحقيقه يا علي عملتوا إيه في نادر سراج الدين".
وضع علي كفيه على وجهه و لم يستطع منع نفسه من البكاء، صمت فارس تماماً و تركه ليهدأ قليلاً، ثم قام بإخراج هاتفه المحمول ليقرأ الرساله التي وصلته للتو و التي أرسلها له شريف يخبره فيها بأن الماده المكتوب بها الورقه هي دم طائر وقد كتبت حديثاً، ابتسم ثم أغلق الهاتف وهو يصغي بكل اهتمام إلى علي الذي تمالك نفسه بصعوبه و بدأ بالحديث قائلاً:
- "كنا صغيرين لسه في ثانوي، مع بعض في مدرسه واحده و في فصل واحد، إبراهيم كان الزعيم بتاعنا اللي بيخطط لكل حاجه بنعملها، و نادر كان أضعف واحد فينا، كان عنده عرجه بسيطه في رجله، كان طيب اوي مش بتاع خناقات ولا مشاكل ، كنا دايما بنستقوى عليه بنتريق عليه و بنضربه كمان، مكناش بنعرف نتشطر على حد غيره، و في يوم حاول يمشي بسرعه شويه فوقع واقعه جامده واتعور، فضلنا نضحك و نتريق على رجله وزودناها حبتين، وفجأه صعقنا لما سمعنا صوت القلم اللي طرقع على وش ابراهيم، كان عامل زي الطير المدبوح بيضرب فينا بكل قوته, طبعاً إبراهيم اتجنن و نزلنا فيه ضرب احنا الأربعة لحد ما وقع قاطع النفس والدم مغطي وشه، ساعتها بس فوقنا حسينا بالرعب و احنا بنحاول نفوقه من غير فايده، ابراهيم قالنا ده مات ولازم نخلص من جثته قبل ما نتكشف ونروح فداهيه، كنا وقتها فحته قريبه من بيته، مكان مقطوع و بعيد عن العين وفيه ترعه قريبه منه، شيلناه ورميناه في الترعه وكل واحد فينا روح على بيته مستني اللي هيحصل، لقوه بعد 3 أيام ملامحه مش باينه واتدفن وخلص الموضوع على كده، بعدها مبقناش طايقين نبص فوش بعض وكل واحد فينا راح لحاله، من سنه تقريباً قابلت إبراهيم صدفه فمول سلمنا على بعض و خدنا أرقام تليفونات بعض بس ما اتكلمناش خالص، لحد ما جاتلي رساله منه الإسبوع اللي فات بيقولي ان نادر رجع، أنا استغربت بس قررت ما أردش عليه وتجاهلت الموضوع لحد ما عرفت اللي حصله، من ساعتها و أنا مرعوب وعارف ان دوري جاي"
ظل فارس يرمقه بازدراء لوهله ثم تنهد تنهيده عميقه وقال:
- " طبعاً نادر ما رجعش ولا حاجه ، واضح ان في حد شاف اللي حصل و قرر ينتقم لنادر، وبيحاول يظهر الموضوع انه عفريت وجننهم وصلهم للانتحار، وساعتها اللي هيصدق إنه عفريت يبقى هو اللي قتلهم، واللي مش هيصدق يبقوا هما اللي مجانين وبيخرفوا وموتوا نفسهم، اللي مش قادر أفهمه لحد دلوقتي هو عرف منين إني بدور وراه؟، و بعتلي رساله عشان يعملي فخ و يستدرجني لمكان يثبتلي فيه انه عفريت عشان أخاف، ده اللي عطله شويه عن إنه يقتلك لحد دلوقتي، بس هو خلاص وصلك وكنت هتبتدي من اليله دي تشوف العفريت اللي هيجننك و يطفش اللي معاك في البيت عشان يستفرد بيك ويقتلك بنفس الطريقه اللي قتلهم بيها".
- " طب اشمعنى دلوقتي؟؟جاي ينتقم بعد السنين دي كلها؟ "
- "إجابة السؤال ده هنعرفها أما نوصله و نعرف هو مين"
- "و هو العفريت ده بيطلع إزاي؟"
- " لحد دلوقتي مش قادر أعرف بالظبط، بس الموضوع ليه علاقه بالمرايات، عموما ما تشغلش بالك بالتفسير دلوقتي هنعرف كل حاجه فوقتها. أنا عاوزك تكمل كإنك ما تعرفش حاجه، العفريت هيظهر الليله دي في الأوضه اللي هناك دي"
وأشار بيده نحو غرفة الطعام، ثم استطرد قائلاً:
- " هتعمل نفسك خايف و تودي مراتك عند أهلها كام يوم بأي حجه، وهو طبعاً مراقبك و هيجيلك عشان يقتلك"
- " هيلاقيكم مستنيينه"
- " بالظبط كده، من بعد ما مراتك وولادك يسيبوا البيت هخلي رجالتي يدخلوا العماره بأشكال مختلفه عشان مياخدش باله، وهنكون مستنييه هنا في شقتك"
أخفض علي رأسه في أسف وقال بنبرة حزينه:
- " أنا متشكر أوي يا فندم، إنك قررت تنقذ حياتي رغم إني عارف إني ما استاهلش، بس عاوزك تعرف إن مفيش حاجه ندمت عليها فحياتي قد اللي عملته فنادر أنا عمري ما نسيته ولا عمري سامحت نفسي".
- " اللي عملته هتتحاسب عليه وهيفضل فرقبتك يا علي لو مش في الدنيا هيبقى في الآخره"
دمعت عيناه في ألم، ثم تركه فارس وانصرف دون أن يضيف كلمةً واحده.
*******************************************
بعد أن خرج من منزل علي جاءه اتصال من مدام إيمان، تعجب كثيراً له فرد قائلاً:
- "خير يا مدام إيمان في حاجه حصلت؟".
- "أيوه يا سيادة المقدم في حاجه مهمه حصلت، وأنا بحكي مع والدتي قالتلي إن في حد جالها يوم ما سافرنا عند والدة إبراهيم و سأل عليا و قالها إن في حاجه مهمه لازم يبلغهالي فوراً بخصوص قضية إبراهيم وعاوز نمرتي، أنا كنت سيبالها ورقه فيها رقم موبايلي و رقم موبايل حضرتك احتياطي عشان موبايلي بيفصل بسرعه، وهي اديتله الورقه نقل الأرقام، وطبعاً محدش كلمني"
- " تمام يا مدام إيمان كدا فهمت جاب نمرتي منين ، متقلقيش هو كان بيحاول يوصلي أنا مش انتي، هانت كلها يومين و هنقبض عليه ان شاء الله".
*******************************************
جرت الأمور كما توقعها المقدم فارس تماماً، ظهر عفريت نادر في غرفة الطعام في تلك الليله، وأثار الفزع في نفس زوجة علي التي لم يخبرها بشيء حتى تكون ردة فعلها طبيعيه و تقتنع بمغادرة المنزل، وقد حدث ما أراده تماماً فلم تتحمل البقاء في المنزل ليومٍ واحد، وغادرت مع ولديها في الصباح إلى منزل أهلها، بعد ذلك دخل رجال فارس إلى الشقة تَباعاً على مدار اليوم، وظلوا في انتظار القاتل.
عند الساعه الحادية عشر والنصف مساء تقريباً رن جرس الباب، نظر علي من العين السحريه فوجد شخص بملابس دليفيري يحمل في يده طعام، قال علي:
- " إنت مين؟!"
- " الأوردر وصل يا فندم"
- "بس أنا مطلبتش حاجه!"
- " مش حضرتك علي أيوب البدراوي؟!"
- " أيوه أنا!!!"
ثم التفت علي نحو المقدم فارس الذي أشار له برأسه ليفتح الباب، وما أن فتح علي الباب حتى رش رجل الديليفري عى وشهه شيئاً لم يراه أحد، فقط سمعوا صوت البخاخ ثم شاهدوا علي و هو يتأوه من الألم واضعاً يده على وجهه، ثم سقط على الأرض لا يقوى على الحراك، في تلك الأثناء دخل رجل الديليفري في هدوء وقد خلع حذاءه ثم أغلق باب الشقه ببطء وهو يرتدي قفازات في كلتا يديه، ووضع حذاءه في شنطه كانت بحوزته ثم ارتدى أكياس بلاستيكيه في قدميه فوق شرابه القطني، وأخرج من حقيبته آله حاده تشبه المشرط الجراحي و اتجه بخطوات هادئه نحو علي الملقى على الأرض لا يستطيع تحريك عضو واحد في جسده سوى عينيه ، ظل يراقبه في فزع وهو يقترب منه، ويئن عاجزاً عن الحديث، قال له الشاب:
- " فاكر اللي عملته فنادر؟؟؟، فاكر ضعفه وقلة حيلته و انتو بتقتلوه ساعتها مقدرتش أحميه ، بس جه اليوم اللي كنت مستنيه من سنين وأنا باخد بتاره منكم واحد واحد وأنا شايف الفزع والضعف فعنيكم"
وقبل أن يقترب منه أكثر باغته رجال الشرطه و أمسكوا به ثم قيدوه، وفارس يتقدم نحوه في ثبات قائلاً:
- " أهلاً إياد سراج الدين الشهير بعفريت نادر!"
حدق فيه إياد والغيظ ينهش في قلبه نهشاً، وصرخ قائلاً:
- " ده حق أخويا ولازم آخده، قتلوه ودمروني معاه". ثم انهار باكياً.
نظر فارس إلى علي الذي لايزال راقدا على الأرض لا يقوى على الحراك . فقال إياد بصوت مرتجف:
“متقلقش ربع ساعه و هيبقى كويس"
رقَّ له قلب فارس، ففك قيوده وجلس يحدثه:
- "ليه ضيعت مستقبلك بالطريقه دي بعد كل اللي وصلتله"
- " إنت اللي ضيعته مش أنا، أنا كنت هاخد بتار نادر وأسافر، عموما أنا ضايع من زمان من يوم ما شفتهم بعنيا وهم بيقتلوه و أنا واقف مش قادر أعمله حاجه، يومها أبويا قالي أدور عليه واندهله عشان عاوزه، أنا كنت أصغر منه بعشر سنين كان عندي ست سنين وقتها، خرجت أدور عليه حوالين البيت لمحته معاهم من بعيد، فضلت أجري ناحيتهم وشوفت كل اللي حصل، اتجمدت مكاني من الخوف كانوا هيقتلوني زيه لو عرفوا إني شفتهم، رجعت عالبيت مش قادر أنطق بكلمه، لحد ما لقوه ودفنوه، أمي من يومها صحتها راحت وماتت بعدها بكام شهر وأنا اتيمت وأنا عيل صغير، ,أبويا فضل عايش بحسرته عليهم لحد ما مات بعدها بسنتين، عشت مع عمي كل همي المذاكره وبس، كنت شاطر جداً لدرجة اني جاتلي منحه فجامعه في اليابان بعد الثانويه العامه، سافرت ودرست وأنا كل همي أرجع وانتقم لأهلي كلهم من اللي عملوه فيهم، اتخصصت في هندسة الميكاترونيات وكنت متفوق جداً، وفيوم جاتلي فكره إني أشوف أهلي حواليا، جبت أحدث أجهزة الليزر المستخدمه في تقنية الهولوجرام، أجهزه دقيقه وصغيره جداً وممكن تتشغل عن بعد كمان عن طريق النت، مش محتاجه غير مرايه تكون متثبته قصاد جهاز الليزر بدرجه معينه، وحملت صور أهلي على الأجهزه، نادر وأمي وأبويا، كنت بحس بالدفا وهما حواليا، فضلت أخطط للانتقام منهم طول سنين دراستي ورجعت من سنه، كنت حافظ أساميهم زي إسمي و متابع أخبارهم من واحد جارنا كان صاحب نادر ومعاه في المدرسه، كانوا عاملين جروب عالفيسبوك انضميت ليه ووصلت لحساب كل واحد فيهم وعرفت عنهم كل حاجه، دخلت بيوتهم وثبت جهاز الليزر في أماكن مش ظاهره، المهم تكون زاويته مظبوطه قصاد المرايه، وكاميرا صغيره جمب الجهاز عشان أشوف بعيني خوفهم أما يلاقوه قدامهم، قصدت يشوفوا نادر قبل ما يموتوا ويفتكروا اللي عملوه فيه، قصدت أرعبهم وازرع الخوف فقلوبهم وأخليهم يصدقوا إنه بينتقم منهم قبل ما أظهرلهم، كانت أعصابهم منهاره والرعب مسيطر عليهم، قتلتهم وأنا باصص فعنيهم، ما ندمتش ولا اتهزيت، لحد ما ظهرت انت، شوفتك فالكاميرا يوم ما روحت شقة إبراهيم ، كلمت صاحبك في التليفون وعرفت إنك بتدور عالعفريت فحبيت أوريهولك عشان تصدق و تبعد عن طريقي، لكن للأسف مبعدتش وكملت وروحت بيت والدة إبراهيم، كنت مراقب مدام إيمان وشوفتكم وانتو مسافرين يومها، طلعت وكلمت والدتها، ست طيبه حكيتلي كل حاجه و اديتني نمرتك كمان"
عقب المقدم فارس على كلامه قائلاً:
- "فبعتلي الرساله عشان تستدرجني لبيتكم القديم و تعملي الشو اللطيف اللي عملته، عشان تخوفني وسيبتلي الورقه اللي مكتوبه بدم الفراخ، بس بالعكس اللي انت عملته ده هو اللي كشفك، شكل المرايات اللي بتلمع فوسط التراب مكانش منطقي خالص، اتأكدت وقتها انها مجرد خدعه بصريه مقدرتش أفسرها بس عرفت أنها وسيله للتخويف مش أكتر، وبشوية تحريات عرفت إن البيت كان بإسم سراج الدين محمد أبو السعود و اللي كتبه بإسمك قبل ما يموت إياد سراج الدين، تصدق إن عمري مكنت هعرف أوصل لإسمك لولا الغلطه اللي انت عملتها دي؟!،وطبعا عملت تحرياتي وعرفت عنك كل حاجه، بس تعرف إنت بجد صعبان عليا، كنت ناجح و قدامك مستقبل باهر أي حد يتمناه تسيب كل ده عشان تدمر حياتك بالشكل ده؟!"
- "أنا مش ندمان، بس مش هرتاح غير لما علي يتحاسب، إنت دلوقتي عارف كل حاجه عاوز آخد حقي منه، هتقدر تجيبهولي؟!"
نظر إليه فارس متأثراً وقال بجديه بالغه:
- " هعمل كل اللي أقدر عليه عشان أساعدك تاخد حق نادر يا إياد!!!!!!!" .
تمت
** المعلومات المذكوره عن تقنية الهولوجرام مستوحاه من الحقيقه لكنها مجرد تصور شخصي عن مستقبل هذه التقنيه**
============
اقرأ أجزاء قصة الضحية الرابعة كاملة للكاتبة / مها سيد عبد الرحمن
ليست هناك تعليقات