قصة الضحية الرابعة الجزء الثاني للكاتبة مها سيد عبد الرحمن جلس المقدم فارس وهو ينصت باهتمامٍ بالغ لما ستقوله مدام إيمان، أخذت نفساً عمي...
قصة الضحية الرابعة الجزء الثاني
للكاتبة مها سيد عبد الرحمن
جلس المقدم فارس وهو ينصت باهتمامٍ بالغ لما ستقوله مدام إيمان، أخذت نفساً عميقاً في محاوله للسيطره على انفعالها ثم قالت بصوتٍ مرتجف:
- "قبل الحادثه بحوالي 10 أيام لقيت إبراهيم في حاله غريبه، متوتر جداً وقلقان علطول ومبينمش كويس زي ما يكون خايف من حاجه، سألته عشان أعرف ماله، مرضيش يقولي حاجه، لكن حالته فضلت تسوء أكتر لحد قبل الحادثه بأربع أيام أما ضغت عليه بالأسئله، قالي إن في حاجه مش طبيعيه بتحصل في الشقه، مفهمتش يقصد إيه، فقالي إن البيت مسكون وبيشوف عفريت على شكل واحد صحبه مات من زمان، استغربت جداً من اللي قاله لأني مشوفتش أي حاجه غريبه قبل كدا، حاولت أهديه شويه لكن في نفس الليله اللي قالي فيها قمت بالليل أشرب ميه شوفته بيتحرك في الصاله!".
اتسعت عينا المقدم فارس في ذهول غير مصدقاً لما سمعه للتو، وقال مستنكراً:
- " يعني انتي مشوفتيهوش إلا أما هو قالك؟!، طب ما يمكن اتهيألك من تأثير كلامه عليكي"
- " مش مصدقني صح؟! عشان كدا مرضيتش أقول الكلام ده في التحقيقات عشان الناس متقولش علينا مجانين، بس أنا هثبتلك كلامي، أما شوفته يومها صرخت من الخضه، فجه إبراهيم بسرعه على صوتي ومعاه موبايله كان بيحاول يصوره، لكن مع الربكه والخوف ملحقش وهو اختفى علطول ومظهرش تاني، بعدها طلبت من إبراهيم يبعتلي الفيديو مع إنه معداش ال30 ثانيه، بس أما دققت فيه كويس لقيته ظهر في الثانيه 16 لمدة ثانيتين بالظبط، حتى شوف".
ثم شغلت الفيديو على هاتفها المحمول و أعطته للمقدم فارس الذي ظل محدقاً فيه لا يصدق عينيه، لم تكن الصوره واضحه و لم يستغرق الأمر أكثر من ثانيتين كما قالت له لكن يظهر جلياً وجود شيء يتحرك وسط الظلام ثم يختفي، أردفت قائلةً:
- " عشان كده سيبت البيت مقدرتش أستحمل اللي حصل و طلبت من إبراهيم أفضل عند ماما لحد ما يشوف حل للي بيحصل ده".
استغرق المقدم فارس في تفكير عميق دام لعدة دقائق، ثم قال لها بنبرة ٍحازمه:
- " مدام إيمان لو سمحتي إبعتيلي الفيديو ده، وعندي طلب تاني ياريت تسمحيلي أبات في شقتكم الليله دي".
مطت شفتيها في تعجب قائلةً:
- "معنديش مشكله"
شكرها لحسن تعاونها معه ووعدها بإخبارها بأي تطور قد يصل إليه في القضيه ثم غادر مسرعاً.
توجه إلى مكتبه و طلب حضور الرائد شريف إليه، ثم أخبره بما دار بينه و بين مدام إيمان و أراه الفيديو، دهش كثيراً لما سمعه وعقب قائلاً:
- " كلام غريب جداً، لو افترضنا ان الشقه مسكونه فعلاً وده أثر على أعصابه وخلاه ينتحر، طب والجثتين التانيين العفريت عدى عليهم هما التلاته مثلا؟؟ وطريقة قطع الشريان الغريبه دي معناها إيه؟؟ في حاجه مش منطقيه"
- "عشان كل اللي انت قولته ده أنا قررت أبات في الشقه انهارده"
- "معقول يا فندم ؟؟ هتبات لوحدك؟ طب تحب آجي معاك"
- "لا يا شريف أنا عاوزك تستعجل في التحريات اللي طلبتها منك و أنا هبات لوحدي معنديش مشكله، يلا روح كمل تحرياتك عشان متتعطلش أكتر من كده"
- "حاضر يا فندم"
****************************
في المساء بعد أن أنهى المقدم فارس ساعات دوامه المعتاد، أخذ شنطه صغيره بها بعض الأغراض واتجه نحو شقة القتيل الثالث بعد أن أعطته مدام إيمان المفتاح، أخذ يفحص غرف الشقه وخصوصا الصاله لعله يصل إلى شيء ملفت، لكن كل شيء كان يبدو طبيعياً للغايه، مرَّت الساعات ولا شيء يتغير حتى غلبه النعاس فقرر النوم على الأريكه في الصاله، أطفأ أضواءها وأشعل ضوء المطبخ وترك بابه مفتوحاً والذي كان في طرفها ليحصل على ضوءٍ خافت مناسب للنوم، ثم غفى لعدة ساعات واستيقظ قبيل الفجر لتتنبه جوارحه كلها دفعةً واحده حينما رآه يتحرك أمامه ثم اختفى في ثوانٍ، صرخ في فزع وأشعل جميع أضواء المنزل في محاولةٍ لبث بعض الطمأنينة في نفسه ثم ارتاح لسماع آذان الفجر فصلى وانتظر حتى موعد عمله ثم انصرف.
****************
دخل مكتبه وهو يجاهد نفسه للتغلب على ذلك الخوف الذي يسري في عروقه، ألقى بجسده على كرسي مكتبه، ثم ما لبث أن ارتعدت فرائصه في ذعر حينما فتح الباب بقوه ودخل منه الرائد شريف يصيح قائلاً:
- " وصلت لحاجه مهمه يا سيادة المقدم أعتقد هتكون هيَّ طرف الخيط!!!"
****************************************************
"المتوفين التلاته كانو مع بعض في مدرسه واحده في ثانوي!!"، قالها الرائد شريف في حماس، حدق فيه المقدم فارس في محاوله لاستيعاب ما قاله للتو ثم قال في خفوت:
- "الموضوع كدا اتعقد أكتر!! أنا مش قادر أفكر"
ثم قصَّ عليه ما حدث الليلة الماضيه في منزل المرحوم إبراهيم، جلس الرائد شريف على الكرسي المقابل لمكتب المقدم فارس ونظر إليه قائلاً:
- " محتاجين نهدى شويه عشان نعرف نفكر، ممكن توصفلي اللي انت شوفته بالظبط؟!!"
- " أنا كنت نايم وأما فتحت عيني شوفت طيف أخضر وشه وش شاب صغير بس ملحقتش أدقق فيه كويس لأنه اختفى علطول"
- " نفس شكل الجسم اللي بيتحرك في الفيديو؟؟"
- " أعتقد آه بس مقدرش أقول إني متأكد".
- "مش انت قولتلي ان مدام إيمان قالت ان المرحوم إبراهيم قالها انه بيشوف عفريت واحد صاحبه مات من زمان؟؟"
اتسعت عينا المقدم فارس وقد فهم ما يشير إليه الرائد شريف وقال في حماس:
- "و هما التلاته كانوا مع بعض في ثانوي يبقى محتاجين نعرف إذا كان في حد كان معاهم ومات من زمان"
خيم عليهم الصمت لبرهه ثم قال المقدم فارس:
- "لازم نسأل أهل المتوفيين التلاته تاني، امهاتهم أو اخواتهم حد ممكن يفيدنا في إجابة السؤال ده"
- " نسأل مدام إيمان الأول يمكن تقدر تساعدنا"
توجها إلى مدام إيمان وقصا عليها ما توصلا إليه، فأخبرتهما أن والدة المرحوم إبراهيم لديها العديد من ألبومات الصور له وإخوته أثناء فترة طفولتهما، لكنها تسكن في بلدة أخرى يحتاج الأمر لزيارةٍ إلى منزلها، اتفق ثلاثتهم على الذهاب إليها في الغد.
في اليوم التالي وصل ثلاثتهم إلى منزل والدة المرحوم إبراهيم، كانت امرأةً مسنه للغايه، زادها وفاة إبراهيم مرضاً على مرض، حاول المقدم فارس سؤالها عما إذا كانت تذكر وفاة أحد أصدقاء المرحوم في سنٍ صغير، لكنها أخبرته بأنها لا تذكر شيء كهذا، فطلب منها رؤية ألبومات الصور القديمه، فأشارت بيدها نحو دولاب خشبي متهالك، أسرعت إيمان نحوه و أخرجت ما فيه من ألبوماتٍ قديمه، أخذ كل منهم واحداً يقلب فيه بتمعن، لكن لا شيء ذو فائدةٍ على الإطلاق ، حتى وصلوا إلى الألبوم الأخير والذي قام المقدم فارس بتفحصه بدقه، حتى شهق بصوتٍ عالٍ حينما وقعت عيناه على صوره لخمس شباب، أسرع نحوه الرائد شريف لتتسع عيناه من المفاجأه، وقال وهو يشير إلى الأشخاص في الصوره:
- " ده أيمن وده طارق وده إبراهيم "
ليكمل المقدم فارس بصوتٍ مرتجف وهو يشير نحو الشخص الرابع في الصوره:
- "وده العفريت!!!!".
يتبع....................
============
اقرأ أجزاء قصة الضحية الرابعة كاملة للكاتبة / مها سيد عبد الرحمن
ليست هناك تعليقات