Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

آخر موضوعاتنا

latest

تجربتي في تقديم استقالتي من وظيفتي وفتحي مكتبي الخاص

  تجربتي في تقديم استقالتي من وظيفتي وفتحي مكتبي الخاص عملت في الوظيفة العامة إحدى عشرة سنة ، ثم قدمت استقالتي منها دون أي مقدمات ، وأمضيت...

 

تجربتي في تقديم استقالتي من وظيفتي وفتحي مكتبي الخاص

عملت في الوظيفة العامة إحدى عشرة سنة ، ثم قدمت استقالتي منها دون أي مقدمات ، وأمضيت في العمل الحر قرابة ثمان سنوات ، وسأكتب لكم تجربتي الشخصية - التي أعتز بها - في هذا الثريد الذي أرجو أن يكون ماتعاً ...



في سنة 1422 تخرجت من كلية الشريعة ،  ونلت المركز الثاني ولله الحمد ، ولكوني شخصاً اجتماعياً بشكل مبالغ فيه لم أتوقع أن أرشح للعمل في القضاء ، فكانت صدمة لي ، فاستشرت أهل الرأي ، فأشاروا علي بدراسة الماجستير ،  ثم لكل حادث حديث

درست الماجستير في المعهد العالي للقضاء ولازمت أصحاب الفضيلة القضاة، ثم صدر تعييني قاضياً في منطقة عسير مكثت فيها سنتين ونصف ، ثم تم تعييني أول قاضٍ للتنفيذ بمكة المكرمة .

في يوم من أيام الله وأثناء دراستي الدكتوراه اجتمعت في الحرم المكي بمدير أحد مراكز التدريب القانوني ، وعرض علي التدريب في نظام التنفيذ ، فأعددت حقيبة تدريبية ، وألقيت الدورة التي كانت بالفعل نقطة تحول في حياتي المهنية .

تفاجأت كثيراً  عندما خضت التجربة الأولى في التدريب الذي وفقني الله فيه أولاً ، ثم استغلالي للممارسة القضائية في التنفيذ ، فلمست صدى جميلاً تكرر ذلك معي مرات كثيرة ، الأمر الذي جعلني أفكر جاداً بالاستقالة من العمل الحكومي الرتيب .

قرار الاستقالة 

قدمت لمرجعي الوظيفي أربعة خطابات استقالة رفضت الثلاثة الأولى ، ووردني اتصال من أكبر قامة قضائية في ذلك الوقت ليتأكد من رغبتي في مضمون خطابي خشية أن تكون نتيجة مضايقة أو رغبة في نقل أو ترقية ، وعندما وجدني مصراً وعدني خيراً ، وقال جميع الأعضاء رفضوا ، ولكن سيسهل الله أمرك !!

في صباح يوم جميل وردني اتصال من صديق يبشرني بقبول استقالتي ، وحقيقة بكيت ليس حزناً ولا فرحاً ، وإنما تذكرت شيئاً واحداً خطر ببالي : هل السنوات الماضية ، وأقضيتها  في ميزان حسناتي أم سيئاتي ؟ يارب عفوك ارحمني ..

ذهبت لبنك البلاد ، وتقدمت بطلب تمويل عادي واستلمت 360.000 ريال لأجهز فيه مكتبي ، والسداد شهرياً 6000 تعثرت فيها كثيراً في البداية ثم فرجها عزيز الجلال ، وتفاجأت برفض استقالتي من الجهات العليا ، ثم عادت مرة أخرى ، وقبلت وانتهت العدة الوظيفية .

كنت أيام الوظيفة أقول : لو كان عندي مبلغاً مجزيا لقدمت استقالتي ، ثم وجدت أنه مهما استعديت بمبلغ للمستقبل فسينتهي مع الوقت القريب ، فأنهيت حديث الأحلام ، وأخذت القرض المذكور ، وبنيت فيه العش الصغير .

بداية عمل المكتب

بدأت بمكتب واحد في عزيزية مكة ، وبموظف واحد ، ثم توالت النجاحات وزاد عدد الموظفين ، و المتدربين حتى وصلت لأربعة فروع وقرابة العشرين موظفاً ، ولله الحمد ، ولم أتأخر برواتب الموظفين يوماً واحداً رغم أني استلفت رواتبهم أكثر من مرتين تقريباً .

أزعم أنني أتقمص شخصية القاضي عند عملائي ، فعندما أقابل عميلاً أناقشه بكل شفافية ، وليس سراً أن أقول : إن هناك حالات كثيرة انتهى النقاش من أول مقابلة ومكاشفة ، وأنا أردد: لأن ينصرف العميل وهو خائف من الحق ، خيرٌ من أن يُقبل وهو طامع ٌفي الباطل

مضى من عمري في مهنة المحاماة ثماني سنوات أدركت أن الرزق لايحتال عليه ، وأن المبالغة في التصدر لايقربه ، و بعض التخفي لايبعده ، فأفضل المحامين ليس لهم صفحات في وسائل التواصل ، بل لانعرف لهم صوراً ، ولا نميز لهم صوتاً...

لا تصاحب عميلك !!!

حذرني زميل من مسألة ظننتها طريفة ، وهي أن لا أصادق عميلاً ، وبالفعل تذهب الأتعاب و الأجور بسبب تحول العميل إلى صديق ، ومن كسب صديقاً فلا يعد خاسراً ( بس ولو )

تعلمت أن خير ما يحافظ عليه المحامي هي سمعته ، فحذار أن تغلب عميلاً ، أو تغضبه ، أو تخاصمه ما استطعت ، لأنه سيتحدّث على من سيتحدّثون،  فكيف بربك تحب أن يقول ويقولون ؟ .

إذا كان تعليمك عشر سنوات فاجعل تسعاً منها في كيفية التعامل  مع عميلك ، ربما كلمة واحدة تنقذك من ورطة يفتعلها عميلك ، وأخرى تكلفك أعمالاً إضافية ، أو ترجئ استحقاقك أمداً طويلاً .

أهمية زكاة مالك 

لابد في عملك من زكاة ، ومن فقدٍ لبعض أجرك ، فتسامح مع العاجز ، ولا تبالغ في ملاحقة المتهرب ، ولايتحدث الناس أن فلاناً يشتكي موكليه والعوض من الله ، و “ سمعتك فوق كل اعتبار “ .

 ليس في الحياة ومنها القضاء شيء مضمون ، حتى القاضي لايعلم عن حكمه إلا عند النطق به ، فاحذر أن تجزم بالنتيجة قبل وقتها ، حتى إذا اختلفت الأمور اتهمك موكلك بخلف الوعود ...

قل هذا النظام ، وهذا الفقه ، وأعدك ببذل قصارى الجهد ، ومن الله التوفيق .

أعود للجواب على من يستشير في استقالته من الوظيفة فأقول : الوظيفة لمحتسب ، أو مرتزق ، أو أخرق ، فإن كنت الأول أو الثالث فابق في وظيفتك ، وإن كنت الثاني فأرعني سمعك ...

نظام الخدمة المدنية لم يترك لك عذراً فقد أعطاك العديد من الإجازات الاعتيادية والاضطرارية ، فكيف تقضي يومك وقت إجازتك ؟

في يوم إجازتك اعتبر نفسك مستقيلاً بدون راتب ، فإن استوى يوم إجازتك مع يوم عملك فالزم وظيفتك .

قرار الاستقالة يجب أن لا يكون عاطفياً نتيجة موقف عابر ، أو تقليداً لصديق ، أو رغبة في زيادة دخل ، هو قرار مصيري يجب أن يسبقه امتحان هل تستغني عن الوظيفة وحوافزها ،  أم لا ؟

العمل خارج الوظيفة مبعثر لصاحبه غالباً ، لكنه ممتع ومتجدد ، بخلاف الوظيفة التي ترتب وتنظم الوقت ، لكن مع قيود المدير ، و الزملاء ، و المراجعين ... وتذكر لا إجازة إلا بقائم بالعمل

قالوا عن الوظيفة أنها أمان من الفقر ، لكنها حرمان من الغنى ، بخلاف +  فقد يكون بوابة للفقر ، أو سلماً للغنى ، فتوكل على الله ،،وابذل الأسباب وتوسط في كل الأمور .

إذا ترك القاضي  الوظيفة وعمل محامياً فلابد أن يتأكد أنه نزع مشلح القضاء ، لأنه سينصدم كثيراً من فارق التوقيت بين كرسي الحكم ، وكرسي الانتظار ...

العمل الحر يتطلب عدة مهارات ، ، تحتاج مهارات أخرى ك التفاوض الجيد ، و حسن الاتصال ، و إدارة الوقت ، و فن الإقناع ، و الحوار ، و إدارة المال غير المنتظم ، و التعامل مع الآخرين ، وحسن الصياغة .

أخيراً .. احذر أن تترك وظيفتك لبديل دافعه الطمع وليس الحب ، فقديما قالوا : اللي تلعب به اتعب به  ، واكسير النجاح أن تحب موضوع النجاح ، وإلا فيجب أن تتعلم أحكام الطلاق قبل عقد النكاح ، والسلام ...



مجموعة د. عبدالعزيز الشبرمي على تويتر محامون مستشارون

ليست هناك تعليقات