مقال بعنوان " أحبك أمي .. أنا ودكر البط ".. مع المستشارة الاسرية / أسماء عبد العزيز سيف ولأني أصغر اخوتي ..ولأننا أسرة ريفية فلاب...
مقال بعنوان " أحبك أمي .. أنا ودكر البط ".. مع المستشارة الاسرية / أسماء عبد العزيز سيف
ولأني أصغر اخوتي ..ولأننا أسرة ريفية فلابد وأن يكون لدينا طيور ..
نعم طيور يتم تربيتها فى البيت او كما كنا نسمي بيتنا فى الريف دار ..
ومن فضل الله علينا كانت دارنا كبيرة ..ومقسمة بطريقة ..جزء للنوم كغرف ملحق له جزء للطيور ..وهو أيضا مقسم على شكل غرف صغيرة متجاورة حتى يكون كل نوع من الطيور في غرفة ..
وكان لدى أهل الريف زمان عادة تزغيط البط ...لا اعرف الان هل لا تزال هذه العادة موجودة ام لا ..
المهم ان امي رحمة الله عليها كانت مخصصة للطيور التى تقوم بتزغيطها غرفة منفصلة ..ولمن لا يعرف ماذا يعني التزغيط ...
فهو اطعام الطائر بيد صاحبته يتم وضع الذرة فى الماء ..ووضع الطائر تحت الفخذ وفتح فمه بهدوء ووضع له الطعام وادخاله في زوره بطريقة احترافية ..
المقصود من هذه العملية ان ياكل الطائر الذي هو عادة اما بط او وز ..لأن الفم لهذه الانواع من الطيور عريض ويمكن اطعامه دون ايذائه ..
وكان الهدف من هذه العملية ..ان ينمو الطائر سريعا وتقل الدهون فيه ..
يحمل لحما شهيا لذيذا ويزداد كبده وتقل الدهون على جسده حتى نحصل على دكر بط محترم ..او دكر وز يملأ العين ويملأ ايضا حلة الطعام الكبيرة.
ولابد من القيام بهذه العملية ...لمدة لا تقل عن شهر ..
بعد ملئ معدة الطائر بالذرة يتم ربط زوره بقطعة قماش ..لانه بعد التزغيط لا يحتاج لأكل من الصباح للمساء وأيضا حتى لا يخرج ما فى زوره من طعام .
فكنت وانا صغيرة المساعد الأمين السريع لهذه المهمة لأمي ..
فكنا نستيقظ مبكرا سويا .. وأذهب سريعا لاجمع البيض للدجاج ..وهذا كان سببا كافيا جدا لي لاستيقظ في الصباح المبكر .. كي اقوم انا بجمع البيض من كل الزوايا فى الجنينة الخاصة بالدجاج ..وايضا غرف الطيور التي تبيض.
شعور رائع ان تجمع البيض من هنا وهناك ..وأحيانا أجد بيضا لم يكتمل نموه لم تكتمل القشرة التى تغطيه ..كنا نسميه "برشت" . وكنت احب ملمسه جدا ..
فكنت أقوم بجمع البيض سريعا حتى تكون امي قد حضرت الوعاء والذرة ووضعت عليهم ماء نظيفا ..
ثم ادخل الغرفة التى تخص البط الذي تقوم امي معه بعملية التزغيط ..
فكان يوجد ضمن البط هذا ذكر " دكر" كبير الحجم
وفي أحد الأيام ..
دخلت بعد جمع البيض كالعادة لاحضر لها هذا الدكر ..
دخلت الغرفة ورأيت منظرا لا أنساه ..
ثم خرجت منفطرة في البكاء وتملكني الحزن الشديد ..
سألتني امي ماذا حدث؟
قلت لها : مات ..مات
دكر البط الكبير مات ..وانا ابكي بشدة .
فاعطتني درسا لا أنساه في الايمان بالقضاء والقدر .
فقالت بثبات ويقين: ..ليس لنا نصيب فيه ..
فقلت لها وانا الحزن يتملكني ..ومندهشة من ردها : ..ألست حزينة من موته؟ ..
فقالت لا .. الله لم يقدر لنا أكله ..وان اراده الله لنا لما كان مات
اذهبي احضريه من الغرفة وارميه فى المكان المخصص لذلك .
توقفت عن البكاء لثبات امي ..ولكنني حملت جثة دكر البط ومشيت بها في طريق طويل ..ولكن وقتها كان بداخلي ألم على هذه الفجيعة والمصيبة وخيبة الامل التى انتابتنى ..
وعندما رجعت ..قلت لها: لعلنا تأخرنا عليه لذا مات لو كنا بكرنا اكثر ..
فقالت: يا ابنتي ...ليس لنا نصيب فيه .. لاتفكري في ذلك ...قدر الله نفذ ...كان ولو كان باب من أبواب الشيطان ..
وكبرت ..
ونسيت موضوع دكر البط تماما ولكنني لم انس الدرس .
فمرت بحياتي أمور مشابهة ولكن على مستوي أكبر وتعلمت ان المصيبة او الابتلاء الذي نمر به يكون قدرا من الله يجب ان يملأ قلوبنا رضا لان الله اراد ذلك وقدر ذلك ...
وأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال " وما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك "
وعلى الرغم انها لم تكن متعلمة الا انها بفطرتها السليمة ادركت هذا البعد الايماني ..
قوة الايمان بالقضاء والقدر ..وتعاملت معه بفطرتها النقية السليمة .
وعندما كبرت انا وقرات في الايمان بالقضاء والقدر ..وجدت انه موضوع ليس سهلا ولا بسيطا ..حتى يصل الانسان له ...لانه محتاج بقوة ..التسليم المطلق لله .
محتاج فقط ايمان قوي برب الكون مصرف الامور ..الذي لا يفعل للانسان شيئا الا وكان خيرا له ..
انه الايمان والتطبيق العملي بالاية الكريمة "وعسي ان تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا" ..
وطالما ان امي لم تكن متعلمة ووصلت لهذه القيمة الايمانية العليا ...فهي اذن موجودة فينا جميعنا ..بفطرتنا وعفويتنا ..فلنعد لها جميعا بحب وتسليم لله الرحمن الرحيم ..
ويجب الا ننسى
وكان ولو كان تفتح ابواب الشيطان ..
رحمك الله يا أمي كم تركت فينا من معاني ايمانية لا زلت أنا واخوتي ننهل منها
ليست هناك تعليقات